خيالات المختفين
يعتبر الاختفاء القسري أحد انتهاكات حقوق الإنسان الكثيرة التي تجري في النزاع المسلح. غير أنه انتهاك لا ينتهي بتوقف النزاع، بل يستمر تأثيره الطويل الأجل على المعنيين وأقاربهم والمجتمع المحيط ككل. هذا النوع من الخسارة الغامضة له آثار متجاوزة للأجيال ومشكلة لعلاقات مجتمعية متبادلة. من هنا، وبينما ينبغي النظر في الاختفاء القسري من جهة علاقته بالنزاع المسلح الجاري في سوريا اليوم وضمن سياقه الموسّع، إلا أن العكس صحيح أيضاً ولا يقل أهمية. فلا بد من تفحص انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى المتعلقة بالاختفاء القسري. من الأمثلة على ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، التهجير الذي يتم في العديد من الحالات نتيجة الخوف من فقدان أحد أفراد العائلة في غارات الاعتقال التعسفي؛ أو تدهور سبل المعيشة؛ أو الحرمان من التعليم.
تم إطلاق مشروع أرشيف التاريخ الشفهي السوري (Syrian Oral History Archive–SOHA) في آب 2016 لمواجهة روايات الاختفاء القسري، التي تركز فقط على المفقودين أو المعتقلين أو المختفين قسرياً. يركز مشروع الأرشيف على قصص قريبات الأشخاص المعتقلين والمختفين والمفقودين في سوريا، بهدف إعطاء المؤرخين والباحثين وناشطي المناصرة فهماً أكبر لحجم قضية الاعتقال والاختفاء القسري. يستخدم هذا التقرير التاريخ الشفهي كأداة لإعادة إدماج أصوات النساء المُسكتة، والطروحات الشخصية والمجتمعية المهملة في الأحداث التاريخية التي تجري في سوريا اليوم. كما يستخدم الجندر (الجنوسة) كفئة تعريفية للتحليل، ويفتح مجالاً للنساء المشاركات في المقابلات لصوغ أجندة التقرير من خلال توضيح ما هو مهم بالنسبة لهن، وذلك بهدف إعادة توجيه نظرنا إلى الموضوعات التي يغلب إغفالها و/أو الانتقاص من شأنها.