نحو تعميم منظور الضحايا في مسارات التعافي وبناء الدولة في سوريا

نحو تعميم منظور الضحايا في مسارات التعافي وبناء الدولة في سوريا

ديسمبر 20, 2025

منذ عام 2011، شكلت الانتهاكات الواسعة والممنهجة لحقوق الإنسان في سوريا – من القتل خارج نطاق القانون، والاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، إلى التعذيب والتهجير القسري ومصادرة الممتلكات – أحد أبرز ملامح المشهد السوري، والتي ما تزال آثارها السلبية الحادة تؤثر على حياة الضحايا وذويهم، لقد أسهمت هذه الانتهاكات، إلى جانب الانهيار المؤسسي وتآكل العقد الاجتماعي وتصاعد النزاعات الطائفية والمناطقية، في تعميق الانقسام المجتمعي وتوسيع فجوة الثقة بين الدولة والمجتمع، لا سيما في ظل غياب مؤثّر للعدالة والمساءلة، وهيمنة ثقافة الإفلات من العقاب.

وفي الوقت الذي تشهد فيه البلاد تحولاً سياسياً غير مكتمل المعالم، مع محاولات لإعادة بناء مؤسسات الدولة، بقي ملف الضحايا مهمشاً، وغائباً عن أولويات صناع القرار والمداولات السياسية، ما يثير العديد من المخاوف حول مسارات التعافي وبناء الدولة على أسس غير عادلة تغفل الاعتراف بحقوق وتطلعات الضحايا وذويهم، قد تفضي المفاوضات والاتفاقات والتسويات السياسية في هذه اللحظة إلى تجاهل مطالب العدالة والإنصاف لصالح ترتيبات وتفاهمات لا تتأسس على رؤية وطنية دامجة للضحايا.

وانطلاقاً من هذا الواقع، تسعى هذه الورقة إلى تقديم توصيات سياساتية عملية تكرس منظور الضحايا، وتسهم في بناء تصور وطني جامع يدرج قضايا الضحايا السوريين والسوريات – من كل الأطراف على امتداد الجغرافيا السورية – ضمن أولويات المرحلة الانتقالية، ويضع الأسس القانونية والسياسية لعدم تكرار الانتهاكات، ويعيد الاعتبار للكرامة الإنسانية كمبدأ مؤسس للدولة المنشودة في سوريا، فالاعتراف بحقوق الضحايا، ومشاركتهم الفاعلة في العمليات السياسية والمجتمعية، وتضمينهم ضمن الاستجابات التشريعية والتنموية، لا تعد مجرد استحقاقات أخلاقية، بل شرطاً ضرورياً لتحقيق سلام عادل ومستدام في سوريا المستقبل.