اقتراح معاذ الخطيب: خطأ إجرائي وصح سياسي!

اقتراح معاذ الخطيب: خطأ إجرائي وصح سياسي!

فبراير 1, 2013

ياسين الحاج صالح31.01.2013 هناك خطأ إجرائي في الاقتراح الذي قدمه السيد معاذ الخطيب قبل أيام، وقد قضى بأن يفرج النظام عن “160 ألف معتقل لديه، وأولهم النساء ومعتقلي المخابرات الجوية وسجن صيدنايا”، ثم “الإيعاز إلى كل سفارات النظام بمنح جميع السوريين الذين انتهت جوازاتهم جوازات”. مقابل ذلك عبر الرجل عن استعداده “للجلوس مباشرة مع ممثلين عن النظام السوري في القاهرة أو تونس أو اسطنبول”. واضح أنه يتكلم باعتباره رئيسا للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة. والخطأ يتمثل في ما يبدو من أن الرجل لم يستشر أحدا قبل الخروج بهذا الاقتراح الذي نشره على صفحته على فيسبوك.وغير الخطأ الشكلي، يبدو طرح الخطيب مرتجلا، فلا هو مجرد رأي عارض لرجل صار كل ما يقوله موضع متابعة واهتمام ومؤاخذة، ولا هو “مبادرة” مدروسة مكتملة الأركان.رد المجلس الوطني السوري، وهو قوة أساسية في الائتلاف، معترضا على ما سماه عرض التفاوض المشروط هذا، ومؤكدا الرفض القاطع “للتفاوض مع النظام المجرم، والإصرار على رحيله بكل رموزه”. لكن هل من تعارض محتوم بين الأمرين؟ لا يمتنع تصور سياسة ديناميكية تجمع بين “الإصرار على رحيل النظام المجرم”، وبين تفاوض يفترض أن يكون معياره تحقيق مكاسب للثورة، إن لم يكن على المستوى السياسي الكبير، فعلى مستوى ملفات إنسانية هنا وهناك. الأمر اللافت الذي يؤخذ على الائتلاف، وعلى المجلس الوطني من قبله، أن أيا منهما لم يتقدم بمبادرة سياسية أساسية في أي وقت، مستغنيا عن ذلك بمبدأ رحيل النظام بكل رموزه وأركانه. هذا هدف الثورة الجوهري، والقوم محقون في بناء هويتهم السياسية حوله، لكن ليس ثمة تناف مبدئي بين هذا الهدف وبين مبادرات سياسية ربما تكون محطات في سبيله. من شأن ذلك أن يرمى الكرة في ملعب النظام ويضعه في وضع دفاعي، وقد يضطر إلى تقديم شيء يموه به طابعه كطغمة عدمية. ومن شأنه أيضا أن يخرج قوى دولية مترددة من ترددها، ويضعف من دواعي تشككها بجدية المعارضة السورية. أهم من ذلك، من شأن مبادرة سياسية أن تخاطب جمهورا سورية مترددا، وإن لم تكسبه إلى صفوف الثورة فإنها تدفعه إلا الابتعاد خطوة عن النظام. وقبل ذلك، من شأنها أن تخاطب جمهور الثورة وتوسع أفقه السياسي. لا تُقيّم المبادرات السياسية بنجوعها المباشر أو بقابليتها الفورية للتطبيق، ومن غير المحتمل أن يستجيب النظام لما هو أقل بكثير من الإفراج عن “160 ألف” معتقل، ولو كان هو البند الوحيد في “المبادرة”، لكن هذا الاعتبار البراغماتي وحده يسوغ تعجيز النظام وإحراجه. السياسة فن، أليس كذلك؟ وأسوأ مبرر لعدم التقدم بمبادرات هو الاعتقاد أن السياسة تنازلات، وأن كل ما هو دون سقوط النظام بكل رموزه وأركانه، هنا والآن، هو تفريط، وفقا للغة ألفناها في الشأن الفلسطيني، فتحت الباب لمزايدات لا تنتهي، وكان ضحيتها من أطلقوها أنفسهم حين اضطرتهم الظروف إلى ممارسة السياسة. بعد مبادئ لا سياسة فيها، جرى التحول إلى سياسة لا مبادئ فيها. هذا ما يتعين تجنبه في الصراع السوري الذي لا يمنع الأمل بالفوز فيه سريعا من التفكير فيه على النفس الأطول.وبدلا من لوم الخطيب على اقتراح غير مدروس، قد يكون الأصوب تحويله إلى مبادرة فعلية، إن لم تثمر، ولن تثمر، فإنها فرصة لنقاش عام واسع في أوساط الثورة. كل ذلك للقول إنه يمكن للمبادرات السياسية أن تكون استمرارا للثورة بوسائل أخرى. المصدر: Facebook