الشباب السوري الثائر: صوت يساري في حي ركن الدين الدمشقي

الشباب السوري الثائر: صوت يساري في حي ركن الدين الدمشقي

نوفمبر 24, 2012

أورينت نت- دمشق: زكي النداوي24.11.2012 لا يخفى على أحد أن الثورة التي انطلقت شرارتها من أحد أسواق دمشق وتالياً بكتابات أطفال درعا استطاعت أن تشمل كامل التضاريس السورية، فسياسة الخمسين عاما من الحكم الاستبدادي، الانتهازي، القمعي، ولدَّت عند السوريين حالة من الاحتقان، والنقمة على أولئك الذين كانوا ينكلون بهم ما أن سنحت لهم الفرصة. وكان لابد لحي “ركن الدين” الدمشقي ذو الأغلبية الكردية أن ينتفض نصرةً لكلمة الحرية، والكرامة الإنسانية التي أهدرت على امتداد نصف قرنٍ من الزمن، ومن ضمن الحراك الثوري الذي رفع الصوت في وجه الطاغية نشأ تجمع “الشباب السوري الثائر” ذو الميول اليسارية، محاولاً إثبات نفسه ضمن موازين التنسيقيات، والتجمعات الثورية الأخرى، وبرز نشاطه الثوري في الحي بشكلٍ موسع، طارحاً نفسه ضمن أقطاب التحالفات السياسية كتجمعٍ ذي شعبية. ولعل من أهم وجود أي تجمع، أو تنظيم هي الأسباب التي أدت إلى نشوئه ـ وبحسب بعض الأعضاء المتواجدين في التجمع ـ كانت فكرة الولادة من أجل « توسيع رقعة الاحتجاج، وتأسيس مجموعة مختلفة التوجهات، تتسع لجميع السوريين على اختلاف أطيافهم، بعيداً عن أي إطار ديني، أو سياسي، أو إيديولوجي..إلخ. هدفها إسقاط النظام.» لذا كانت البداية ببيان تأسيسي تبعه عدة نشاطات على الأرض، ليأتي من بعدها قرار التظاهر في الشارع. ونتيجة هذا العمل المنظم استطاع التجمع أن يفرض نفسه كقوة لها مكنونها الثقافي والسياسي والاقتصادي بعيداً عن أي إطارٍ حزبي موجه إلى حدٍ ما، وكانت شعاراتهم التي رُفِعت في المظاهرات محرضاً على اشتراك بعض التنسيقيات معهم ـ ومن ضمنهم تنسيقية الحي ـ في بعض النشاطات الثورية المطالبة برحيل النظام. ومما ساهم في التفاعل معهم وبحسب رأيهم: « الخط الوطني المطروح، والتنوع في الشباب السوري» وهو ما أدى إلى منحهم ثقة أبناء الحي، فهم حاولوا قدر المستطاع عدم استثناء أي شخص من التظاهر معهم. إلا أن ذلك لم يمنع من تعرضهم للهجوم بحجة الأخلاق، وما شابهها من تهمٍ أخرى نظراً لتواجد الأنثى في تظاهراتهم. ويقولون حول ذلك:« تعرضنا للهجوم نتيجة فاعلية الأنثى في مظاهراتنا بحجة أنه “لا يجب أن تظهر صورة الأنثى في المظاهرة” وهنا لابد أن نشير إلى أن جميع الديانات السماوية طالبت باحترام دور المرأة، كما أنه ـ والحديث هنا لإحدى فتيات التجمع ـ الأنثى في المظاهرة معرضة لذات الخطر الذي يتعرض له الرجل، فالطلقة، أو الاعتقال لا يُميز بين ذكرٍ أو أنثى. حتى في عملية الحماية التي تتم أثناء التظاهر ولطالما قامت الأنثى بحماية الشباب من الاعتقال وبالعكس أيضا… لذا مشاركة المرأة في التظاهرة أمر طبيعي ولا غبار عليه، وكي لا ينسى الجميع فإن الدور الأبرز في عمل الإغاثة كان للمرأة بسبب سهولة مرورها على الحواجز، وفي النهاية نحن لا نطلب الحماية من أحد لأننا قادرات على حماية أنفسنا»إلا أن ذلك لم يثنيهم عن متابعة نشاطهم الثوري بل زادهم إصراراً على الاستمرار فيما تنفيذ ما بدءوا به. أما حول رأيهم في العمل المسلح ضد جيش الأسد، فهم اعترفوا منذ البداية بالجيش الحر وأصروا على ضرورة وجوده إلى جانب الحِراك السلمي على اعتبار أنهم يكملان بعضهما البعض، لكنهم وبنفس الصيغة يصرون على وجود أخطاء لدى الجيش الحر يجب انتقادها، كي لا يفقد شعبيته ومباركة الشارع له لذا هم يحددون مطالبهم من الجيش الحر بالشروط التالية: « رفع السلاح في وجه الجيش الأسدي، ورفض جميع السرقات وعمليات الخطف التي تتم تحت اسم الجيش الحر ومن يقوم بهذه الأعمال معرض للمحاسبة والمحاكمة، ورفض حمل السلاح من قبل الأطفال ومن هم دون سن الثامنة عشرة إلا في حالات الدفاع عن النفس فقط، ومعاملتهم للمعتقلين لديهم كأسرى حرب ريثما تتم محاكمتهم وفق القانون السوري، وعدم تشبههم بالجيش الأسدي كالإعدامات الميدانية وعمليات التعذيب لأنها ليست من أخلاق الثوار.» ويتابعون حديثهم حول بعض الكتائب المُتدينة والتي تطلق أحكامها باسم الدين بقولهم: «سوريا لكل السوريين، على اختلاف أطيافهم عقائدياً، وفكرياً، وإيديولوجياً، وعرقياً، ويجب أن نعزز بأن فكرة الانتماء الأول لسوريا، وتالياً يكون التوجه العقائدي والذي هو ملكي وحدي ولا يحق لي فرضه على الآخر مهما كان مختلفاً معي. وهنا لابد من أن نتحدث عن أبناء القرداحة، وضرورة دعمهم في ثورتهم لأن الثورة لكل السوريين، وهم إن تأخروا فذلك خاضع لظرفهم الخاص، فالأحاديث الذي تتكرر عن الطائفية وما شابهها مرفوضة، لأنها من إنتاج النظام الديكتاتوري الذي أوجد نفسه على حساب توازناته الطائفية» كما أنهم يرفضون التدخل الخارجي أو دعمهم مادياً وإعلامياً لأن الجيش الحر برأيهم وفي حال توحدت كتائبه على الأرض قادر على أن يفرض منطقة عازلة، وحظر للطيران، ومن أراد أن يدعمهم فليوجه دعمه لمخيمات اللاجئين الموجودين في العراء، فهم بحاجة لهذا الدعم أكثر من غيرهم. « ربما لن نستطيع أن نرى سوريا الجديدة، والدولة المدنية، لأنه بعد هذه الثورة لدينا ثورة ثانية هي ثورة إعادة أعمار سوريا، وبناء البنية التحتية التي دمرها النظام المجرم، لدينا معركة الإصرار على تعزيز فكرة المواطنة، ومجانية التعليم، والضمان الصحي، والمساواة بين الجنسين، ففكرة سوريا المدنية لا تراجع عنها أبداً.» هكذا ينهي “الشباب السوري الثائر” حديثه مع رسالة عتب يوجهها للثوار والنشطاء والمؤيدين للثورة يقولون فيها:« إلى كل العارفين، والمثقفين، والمفكرين، حبذا لو تتحفوننا بأرائكم وفق المنطق التعبوي الناقد، وليس وفق المنطق التعبوي الحاقد، كفاكم سقوطاً..!». المصدر: أورينت نت