عن انتهاكات “الجيش الحر”
رزان زيتونة17.03.2013 لا يمكن تحرير مدينة وإبقاء أهلها عبيداً للمرة الثالثة على التوالي نعلن في مركز توثيق الانتهاكات في سوريا عن أنموذج لإدخال الانتهاكات المرتكبة من الثوار. وإن كانت الثالثة ثابتة حيث لا تراجع هذه المرة، فهذا لا يعني بعدُ أنها تحقق الهدف المرجو منها. في المرة الأولى، وبعد جدل وأخذ ورد مع نشطاء المركز ونشطاء في الثورة، اتفقنا أن لا نعلن عن رابط “الفورم” ونكتفي بتوزيعه على النشطاء والتنسيقيات. مضت الأيام والأسابيع من دون إدخال انتهاك واحد، في ما عدا الذي نقوم نحن –فريق المركز- بإدخاله. اقترحت حينها إجراء تعديل على النموذج وتحويله إلى “فورم” لحالات الخطف، باعتبارها أكثر الانتهاكات ممارسة من قبل الثوار. المفاجأة غير السعيدة كانت أن أصدقاء وذوي المخطوفين فضّلوا التواصل معنا من أجل المساعدة ومحاولة الوصول الى الكتائب التي تقوم بالخطف، والتفاوض من أجل الإفراج عن المخطوفين، لكنهم ليسوا مستعدين لتسجيل الحالة كانتهاك! المرة الثالثة، وبعد أخذ ورد أيضا مع أعضاء الفريق، قررنا بشكل قاطع إعادة استخدام النموذج الخاص بالانتهاكات والإعلان عنه بشكل رسمي إلى جانب نموذج المخطوفين. وقمنا بتعميم النموذجين على أوسع نطاق ممكن على النشطاء والتنسيقيات. لكنّ عدداً محدوداً جداً قام بمشاركة الروابط وإعادة نشرها، حتى من بين أولئك الذين كانوا متحمسين للفكرة أو أقل معارضة لها. وكأن مجرد الحديث عن وجود مثل تلك الانتهاكات من شأنه أن يمسّ بانتمائهم للثورة أو يقلل من “ثوريتهم”. ولم تُسجل منذ نشر الرابط أية حالة انتهاك في ما عدا تلك التي نقوم نحن – فريق المركز- بتسجيلها! هناك عشرات التبريرات التي يسوقها أهل الثورة لتأجيل الخوض في حالة الفوضى وما يصاحبها من انتهاكات يومية من قبل بعض الثوار والكتائب. أيٌّ منها ليس منطقيا ويحتاج بدوره إلى تبرير يفسره إذا أردنا ألاّ نكتفي بالشعارات الكبيرة ورثاء أحوالنا ومظالمنا. أحد أطباء الثورة اعتُقل في ريف دمشق لأكثر من شهرين من قبل إحدى الكتائب بعد تفوّهه بما أزعج تلك الكتيبة، في الوقت الذي لا نكفّ عن النواح لقلة عدد الاطباء ومشاركتهم في الثورة. يُعتقل أحدهم من قبل قائد ثوري قد يكون مصاباً بجنون العظمة أو بلوثة استبداد، ولا تفلح جميع الوساطات بالإفراج عنه إلا بعد مرور شهرين كاملين من اعتقاله! تلك “الأخطاء الفردية” أصبحت عبئا يعجز كثيرون عن احتماله ما يدفعهم للرحيل، فعلاً وليس مجازاً. جميعنا يعلم إحساس العجز عن التأثير والتغيير وقدرته على تحطيم إيماننا وثقتنا بأنفسنا.. أعتقد أننا جرّبنا ذلك الإحساس لسنوات طويلة قبل الثورة. فكيف إن كان هذا الإحساس مع شركاء التأثير والتغيير المفترضين؟. والإعلان عن تلك “الأخطاء الفردية” وتشكيل رأي عام حولها وتوثيقها هو مجرد خطوة صغيرة من باب ردّ الاعتبار للثوار والنشطاء والمواطنين الذين تُنتهك حقوقهم من قِبل بعض أهل الثورة، ومن دونه لا نفعل شيئاً سوى حثهم على الرحيل والانكفاء عن الثورة. مَن يتمكّن من “تحرير” مدينة من قبضة النظام والإبقاء على أهلها عبيدا لنزواته ورغباته، فقد أخطأ العنوان. لكن مَن يعتقد أنّ مَن يتمكّن من تحرير مدينة فهو مؤهل للإبقاء على أهلها عبيداً لنزواته ورغباته، فهذا ما لا أجد توصيفا لحاله وأحواله. المصدر: NOW