كفرنبل: رايات “النصرة” تقسم ضمير الثورة
ريما مروش22.02.2013الطريق إلى كفرنبل يأخذك عبر هضبات ساحرة، يكللها شجر الزيتون والتين. تمر بــــآثار بيزنطية: شنشراح وسرجيلا والبارة، المدن الميتة. تصل أخيرا الى كفرنبل، مدينة صغيرة اصبحت بالنسبة للكثير من متابعي الثورة السورية محجةً تقريباً؛ “ضمير الثورة”. الاسم يقول الاهالي أتى من كفر: مزارع ونبل: نبيل. كفرنبل كانت دائما ثائرة منذ الثمانينات. من كفرنبل أحمد الدامور، كان يخدم بالحرس الجمهوري في دمشق وفي العام 1979 حاول أن يرمي قنبلة على حافظ الأسد. فشل. شاب آخر، من دير الزور يقول الاهالي، حمى حافظ الاسد. أخبار الدامور اختفت، وراء حكايات عديدة عن مصيره. بعضهم يقول انه هرب إلى العراق، آخرون يقولون أنه قتل فوراً. من الطبيعي أن كفرنبل كانت من أولى المناطق التي ثارت. “دعينا لأول تظاهرة في 25 آذار 2011 لكن المنادي جبن ولم ننجح. فأتى الشباب بمناد آخر وبدأت التظاهرات في الأول من نيسان”. اللافتات تغيرت مثل الثورة السورية. في البداية كانت موجهة فقط ضد النظام، بتوقيع “كفرنبل المحتلة”. مع التحولات بدأت ايضا تنتقد اخطاء الثورة و توقع ب”كفرنبل قيد التحرير” من بعدها “كفرنبل المحررة”. الآن توقع “الثورة السورية – كفرنبل” . اربع مراحل يقول رائد الفارس، وهو أحد العقول التي تقف وراء لافتات كفرنبل. التاريخ الرسمي لتحرير كفرنبل 10 آب 2012. “بعد التحرير حلت علينا لعنة القصف. على مدة شهر، كل يوم غارة.” يروي رائد تاريخاً مصغراً للبلدة. “دمار هائل. كفرنبل فقدت 124 شهيداً، منهم 19 لم يبلغوا عمر ال18، 17 من الإناث، 57 من الرجال المدنيين، 32 من الجيش الحر”. سكان كفرنبل ينظرون لتحرير كفرنبل ببساطة: “قتلنا 300 جندي لم ينشقوا. اسرنا 100 جندي مثلوا امام المحكمة المؤلفة من شيخ ومحام وقاض، 40 تم اطلاق سراحهم و 60 تم اعدامهم ميدانيا خارج كفرنبل.” كفرنبل مدمرة بنسبة 60 في المئة. رائد يقول إن هناك اولويات اهم من سقوط النظام. والنظام غير موجود هنا. الاولويات هي “شكل سوريا الجديدة”، ويضيف أنه عند التحرير كانت هناك كتيبة واحدة فقط. الآن عدد الكتائب في العشرات. ” الآن حتى المخبرين السابقين لديهم كتيبة” يقول ناشط آخر. العمل على لافتات كفرنبل الشهيرة يبدأ عادة حوالي الساعة 11 ليلا يوم الخميس قبل التظاهرات. خالد ع. وحمود ج. يقصان ويحضران القماش في مقر المكتب الاعلامي الذي يرحب بك بعبارة مكتوبة على الجدار: “ثقوا بالغد يا سكان ثورتي”. بتوقيع “حيطان سراقب في كفرنبل”. رائد فارس يبدأ عملية “عصر الدماغ”، لكي يصيغ الافكار بالعربي والانكليزي. يأتي أحمد ج. الرسام، في حياته السابقة مخبريّ اسنان، وتبدأ المناقشات. الخطاط في تركيا، فيحل رائد محلّه. السهرة عادة تنتهي حوالي الرابعة فجراً. أحمد يفضل أن يعمل طوال الليل. احيانا لا ينام لينهي الرسم قبل صلاة الظهر. النقاشات الليلية تدور عن احداث الاسبوع: مقاتلو “حزب الله”، تصريحات ايران… وهذا الاسبوع “جبهة النصرة”. فتظاهرة اليوم الجمعة لها طبع خاص. اليوم و لأول مرة رفعت الاعلام السوداء ل”جبهة النصرة”. “منذ بداية الثورة كل اسبوع كان هناك ضغط اكبر واكبر: ماذا سنكتب؟. و لكن هذا الاسبوع بالضبط هناك ضغط أكبر من العادة، لأن الجبهة سترفع اعلامها غدا”، يقول أحد الناشطين ليل الخميس. ” تشعر وكأنه جو منافسة بين فريقين. لديهم عقيدة، لا نحن” يقول ناشط آخر. كل اسبوع، على الشباب أن يحضروا لافتتي قماش، واحدة بالانكليزية، وأخرى بالعربية، إضافة إلى لافتة كرتون للرسم. شعارات اليوم: “الى زبانية الخميني: الشعب يؤيد اعدام المحافظ. ” و”لسنا طائفيين و لسنا اقصائيين. لانها ساحات الحرية و تحت سقف الوطن مرحب بالجميع. الثورة السورية 22-2-2013 كفرنبل”. وبالانجليزية: World! Your carelessness produced extremists like assad, now we need extremists to get rid of your products. The Syrian Revolution –Kafarnabel 22 2 13أي “أيها العالم! لامبالاتك أنتجت متطرفين مثل الأسد، الآن نحتاج إلى متطرفين للتخلص من منتجاتكم. الثورة السورية-كفرنبل”. التظاهرة هذه المرة، لا تشبه سابقاتها. اعلام “الجبهة” موجودة. جرت مفاوضات على أن تكون تظاهرة واحدة، ولكنهما في النهاية كانتا تظاهرتين. تظاهرة تهتف “حرية حرية دولة مدنية” وأخرى أضخم تنادي ب”بدنا خلافة اسلامية” وترفع الاعلام السوداء. أحد الشبان يقول “الاعلام السوداء تخيفني بالرغم من أنني أصلي وأمارس الشعائر الدينية. ولكننا لم نعتد على هذه الرايات. أشعر أنهم يشبهون حزب الله. بعد سقوط النظام لن يسمحوا بانشاء دولة. على التدين أن يكون في البيت، لا غصباً ولا بالأعلام”. آخر يقول بأسى: “90 في المئة من الماشين معهم لا يعرفون الى اين هم ذاهبون.” “اليوم، كفرنبل انقسمت رسمياً إلى جزئين”، يقول رائد. جزء مع “الجبهة” وآخر مع الناشطين. الحقيقة أن تظاهرة الجبهة كانت أكبر. الشبان المدنيون حاولوا أن يرفعوا شعارات تجمع الجزئين: “لن نركع الا لله” و “الله أكبر”… الرد كان واحدا: “بدنا دولة اسلامية” . المصدر: المدن