سلاح الثورة السورية جدلية الضرورة والدم
فؤاد حميرة09.02.2013لم يتم حسم الجدل الدائر حول تسلح الثورة السورية من سلميتها ، جدل يتجاوز معارضي بشار الأسد ومؤيديه ، إلى أوساط المعارضين أنفسهم ، فمن فريق يرى أن الثورة تأخرت في إعلان الكفاح المسلح ، لفريق يرى أن التسلح كان وبالا على الثورة ومنح النظام أعمارا إضافية و أفقدها الكثير من التأييد الدولي خاصة مع الأخطاء التي نجح النظام في جر المسلحين إليها .(الجيش الحر ) الرمز الرئيسي الحامل لسلاح الثورة ، فصائل غير منسجمة وغير موحدة ، نحو 90 في المائة من عناصره من المدنيين وأقل من عشرة في المائة من العسكر المنشقين عن الجيش النظامي ، حتى وإن كانت نسبة المنشقين أعلى مما ذكرناه ، فإن هذا الجيش انشق عن جيش معروف بأنه المؤسسة الأكثر فسادا في سوريا ، ولعل هذا ما يبرر الأخطاء التي يقع فيها قادة الجيش الحر وهم في غالبيتهم من الضباط المنشقين من غير الميدانيين ، بمعنى أنهم جاؤوا من اختصاصات لا علاقة لها بالتخطيط للمعارك وقيادتها (ضباط هندسة ، محاسبة، توجيه سياسي، إمداد وتموين) .وللمواقف من السلاح أسباب طائفية أحيانا ، ففي حين يرى قسم من السوريين في عناصر الجيش الحر بديلا (سنيّا) عن الجيش النظامي الذي يتهمونه بالطائفية وسيطرة (العلويين) على مفاصله الحساسة والرئيسية ، حتى أن بعض كتائبه اتخذت لنفسها اسماء طائفية واضحة مثل (أسود السنة) وغيرها من الكتائب والألوية التي لا تخفي توجهاتها الطائفية .في الجانب الآخر هناك من يرى في الجيش الحر نواة لقوة سلفية شبيهة بالقاعدة خاصة مع تواتر الأخبار عن مشاركة أفغان عرب في الأعمال القتالية إلى جانب الثوار .خارجيا أيضا ، يستمر التردد والخلاف حول تقديم الدعم العسكري للثوار من عدمه ، فدول الخليح وعلى راسها السعودية وقطر ، ترغب بشدة في تقديم دعم أكثر فاعلية للجيش الحر عبر الضغط لتسليحه بصواريخ مضادرة للطائرات والدبابات وعدم الاكتفاء بتقديم السلاح الفردي الخفيف ، في الوقت عينه ، مازالت واشنطن وباريس ولندن وغيرها من العواصم الأوربية ، غير مندفعة لتقديم أسلحة متطورة ، بل ان مواقف بعضها من الثورة بدأ يتأرجح ، عبر تصريحات تبدو متضاربة ومتناقضة تأتي على ألسنة مسؤولي عدد من الحكومات الأوربية .المواقف المتناقضة من سلاح الثورة ، تبدو مهيئة للاستمرار حتى بعد سقوط النظام ، أي حين ينجز هذا السلاح مهمته ، ومن هنا يأتي السؤال المقلق فعلا ، ما مصير الجيش الحر .؟ وما هو مصير هذا السلاح.؟طرحت السؤال فجأة على سرية من كتائب (أسود السنة) سيطر الوجوم لدقيقة تقريبا ، تبادل بعضهم نظرات الاستفهام وكأنهم للمرة الأولى يتعرضون لسؤال عن مستقبلهم في حال سقوط النظام وانتصار الثورة …بعد الدقيقة اندفعت الإجابات عشوائيا :- نعود لأعمالنا السابقة قبل الثورة- ننضم للجيش – نريد أن نكون شهداءالحقيقة تقول أن أحدا منهم لم يفكر في الأمر ، ولا حتى قياداتهم ، إذ تلقيت ذات الإجابات على السؤال ذاته ، لا رؤية واضحة ، تشوش في الصورة .سؤال آخر طرحته على بعض القيادات هذه المرة دون الأفراد :- ما مصير البلاد في حال سقوط النظام بشكل مفاجئ وغير متوقع ؟ بمعنى لنفرض أن الرئيس تعرض لعملية اغتيال وانتهى أمره ، ما الذي سيحدث؟كل الإجابات أجمعت على أن حربا أهلية قد تندلع في مثل هذه الحالة ، ما يدل على ضبابية النظرة لمستقبل السلاح ، وعدم وجود خطة واضحة لمنع البلاد من الانزلاق للمصير الذي يراه البعض محتوما .ومع الخلافات بين فصائل الجيش الحر ذاتها ، والتي تتنوع بتنوع مصادر التمويل الخارجي ، والتي يحاول الكثيرون احتواءها الآن ، وهي قابلة للتفجر في حال سقوط النظام ، ما ينذر بكارثة إضافية ، تغدو الصورة قاتمة ومخيفة.هناك ضوء في آخر هذا النفق ، يتمثل في تغيير زاوية رؤيتنا للمسألة ، فهذا السلاح بات أمرا واقعا ، كما أنه نجح فعلا في فرض أمر واقع على الأرض ، وبغض النظر عن موقفنا من هذا الأمر الواقع سلبا أو إيجابا فإن التعامل مع مستقبل سوريا يجب أن ينطلق من حقيقة ماثلة وهي وجود السلاح ووجود الجيش الحر الذي يتنامى عدديا ويتسع مساحة ، وينبغي التفكير في كيفية الاستفادة من هذا السلاح في اللحظة التالية لسقوط بشار الأسد وليس الانتظار إلى اليوم التالي ، فالمهم احتواء الصدمة في لحظاتها الأولى ، هذا الاحتواء يقع العبء الأكبر فيه على عاتق الجيش الحر الذي أعلن حمايته للثورة منذ بداية انطلاقته ، فعليه بالذات تقع مهمة متابعة حماية الثورة ومنع وصول الثورة إلى خواتيم خطط لها النظام ، كالحرب الأهلية مثلا ، وذلك يتحقق عبر اتفاق مع من يتبقى من قيادات وعناصر الجيش النظامي ، والتنسيق معهم على تحقيق التالي :1- تخصيص كتائب من الجيش الحر لتكون قوات فصل بين الأحياء المتوترة في العاصمة دمشق (حي الـ 86 وحي المزة) و (عش الورور – برزة) و(مساكن الحرس وحي الورود مع قدسيا ودمر ) و (القدم والدحاديل ونهر عيشة وكفرسوسة) مهمة هذه القوات منع وصول المسلحين في تلك الأحياء إلى بعضهم البعض ، وهذا الأمر ينطبق على مدينة حمص وريفها أيضا .2- ضمان وصول الوقود من خزانات عدرا إلى باقي محطات الوقود في العاصمة وريفها3- الاستيلاء على مبنى الإذاعة والتلفزيون لبث البيانات والتعليمات للشعب عند اللزوم4- ضمان عمل المخابز والمطاحن 5- حماية الممتلكات العامة وخاصة محطات الكهرباء ، والمحاكم والمصالح العقارية صونا لحقوق الناس من الضياعيضاف إلى ذلك مهام أخرى قد تستجد على الأرض وتفرضها الأحداث ولكن المهم هنا هو السيطرة على الوضع ومنع الانفلات الأمني الذي قد يودي إلى كوارث لا تحمد عقباها وربما تحتاج البلاد إلى عشرات السنين للخروج منها .بهذه الرؤية يصبح السلاح ضرورة ، بل ومطلبا ملحا ، وينبغي على جميع فصائل المعارضة السياسية التنسيق مع قيادات اليش الحر التي بدأت الآن عملي توحيد قد تنجح وقد تفشل ولكن العمل السياسي بالتنسيق مع السلاح (العمل العسكري) ربما تنتج عنه فضائل يذكرها السوريون طويلا بالخير.المصدر: facebook